سورة المجادلة - تفسير تفسير الرازي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المجادلة)


        


{اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (16)}
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: قرأ الحسن: {اتخذوا أيمانهم} بكسر الهمزة، قال ابن جني: هذا على حذف المضاف، أي اتخذوا ظهار إيمانهم جنة عن ظهور نفاقهم وكيدهم للمسلمين، أو جنة عن أن يقتلهم المسلمون، فلما أمنوا من القتل اشتغلوا بصد الناس عن الدخول في الإسلام بإلقاء الشبهات في القلوب وتقبيح حال الإسلام.
المسألة الثانية: قوله تعالى: {فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ} أي عذاب الآخر، وإنما حملنا قوله: {أَعَدَّ الله لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً} على عذاب القبر، وقوله هاهنا: {فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ} على عذاب الآخر، لئلا يلزم التكرار، ومن الناس من قال: المراد من الكل عذاب الآخرة، وهو كقوله: {الذين كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ الله زدناهم عَذَابًا فَوْقَ العذاب} [النحل: 88].


{لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (17)}
روي أن واحداً منهم قال: لننصرن يوم القيامة بأنفسنا وأولادنا، فنزلت هذه الآية.


{يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ (18)}
قال ابن عباس: إن المنافق يحلف لله يوم القيامة كذباً كما يحلف لأوليائه في الدنيا كذباً أما الأول: فكقوله: {والله رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: 23].
وأما الثاني: فهو كقوله: {وَيَحْلِفُونَ بالله إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ} [البقرة: 56] والمعنى أنهم لشدة توغلهم في النفاق ظنوا يوم القيامة أنه يمكنهم ترويج كذبهم بالأيمان الكاذبة على علام الغيوب، فكان هذا الحلف الذميم يبقى معهم أبداً، وإليه الإشارة بقوله: {وَلَوْ رُدُّواْ لعادوا لِمَا نُهُواْ عَنْهُ} [الأنعام: 28] قال الجبائي والقاضي: إن أهل الآخرة لا يكذبون، فالمراد من الآية أنهم يحلفون في الآخرة أنا ما كنا كافرين عند أنفسنا، وعلى هذا الوجه لا يكون هذا الحلف كذباً، وقوله: {أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ الكاذبون} أي في الدنيا، واعلم أن تفسير الآية بهذا الوجه لا شك أنه يقتضي ركاكة عظيمة في النظم، وقد استقصينا هذه المسألة في سورة الأنعام في تفسير قوله: {والله رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: 23].

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7